يبدو بأنّ الاضطرابات السياسية التي تشهدها واشنطن لم تُثر استياء المستثمرين، بينما أصبح ترامب أول رئيس أمريكي يتعرض لإجراءات العزل مرتين، بعد أقل من عام على المحاولة الأولى. وبرغم الترجيحات التي تُشير إلى بقائه في منصبه للأيام الستة المتبقية من فترته الرئاسية، غير أنّ الغموض بات يلف مستقبله السياسي الآن، لا سيما مع وجود إمكانية كبيرة لمنعه من الترشح للرئاسة مجدداً في حال إدانته بتهمة التحريض على التمرد.

وكانت أسواق الأسهم العالمية قد سجّلت ارتفاعاً طفيفاً في يوم بدء إجراءات العزل الثانية للرئيس، في حين بقيت الأسهم الأمريكية على مقربة من مستوياتها القياسية. وعلى ما يبدو فإنّ الأحداث السياسية هي آخر ما يُثير قلق المستثمرين الذين يتطلعون لنمو اقتصادي قوي في عام 2021 ولإقرار حزمة تحفيز مالي ثانية ضخمة من الإدارة الأمريكية الجديدة.

وبحسب مساعدي بايدن، يعتزم الرئيس المنتخب الكشف عن خططه بشأن حزمة إعانة للمتأثرين بانتشار مرض كوفيد-19 في وقت لاحق اليوم، والتي قد تصل قيمتها إلى حوالي 2 تريليون دولار أمريكي. وستشمل الحزمة تمويلاً كبيراً لجهود توزيع اللقاحات وتمديداً لفترة وقف إخلاء المستأجرين ودعماً للعاطلين عن العمل ومساعدات حكومية ودفعات مباشرة وكبيرة للأسر الأمريكية. وربما يكون القسم الأخير الجزء الأكثر حرجاً، لا سيما وأنّ غالبية الجمهوريين وبعض الديمقراطيين ما زالوا ضد الزيادة الكبيرة في حجم الدفعات. ومن جهة أخرى، قد يُفضي إقرار حزمة تحفيز أصغر حجماً إلى إحباط المستثمرين والتوجه نحو تصفية الأصول في أسواق الأسهم. ولن يكون تحقيق التوازن الأمثل مهمة سهلة.

وبرغم تجاهل الاضطرابات السياسية التي تشهدها واشنطن إلى حد كبير حتى اليوم، ما زلنا أمام خطر حدوث عمليات التصفية في حال تصاعدت مستويات العنف في يوم تنصيب الرئيس الجديد، خاصة وأنّ الأسواق كانت قد أخذت في اعتبارها أفضل السيناريوهات الممكنة. وفي ضوء المبالغة الكبيرة في التقييمات، يحتاج بعض المستثمرين لعذر لتصفية أصولهم، وقد تمنحهم الأحداث التي قد نشهدها في 20 يناير الجاري الحجة التي ينتظرونها.

ومن ناحية ثانية، يجب على المستثمرين أيضاً متابعة الخطر المتمثل بالمستوى الذي ستصل إليه عائدات السنات المرتفعة. إلا أن البيانات لا تعكس أي ضغط تضخمي يُذكر، وهو ما يعتبر مؤشراً جيداً حتى هذه اللحظة. وقد ارتفعت الأسعار الاستهلاكية الأمريكية بواقع 0.4% في ديسمبر، بينما يقف الارتفاع الفعلي عند 0.1% فقط عند استبعاد المواد الغذائية ومنتجات الطاقة المتقلبة. وبالمُجمل، سيكون ارتفاع التضخم أبرز المواضيع خلال عام 2021. غير أنّه ما زال من المبكر للاحتياطي الفدرالي أن يُعلن عن تدابير لخفض عمليات شراء الأصول. وستسهم أيّ مؤشرات من هذا النوع في وقف انخفاض قيمة الدولار بالتزامن مع بدء العائدات المرتفعة في جذب تدفقات العملة الأمريكية وتصعّب تبرير التقييمات الحالية للأسهم. وسيكون من الضروري التطرق إلى هذا الموضوع بشكل مفصّل في وقت لاحق من العام الجاري. وسنكون بانتظار صدور أي تلميحات من جيروم باول حول هذا الموضوع، خلال ندوة إلكترونية تستضيفها جامعة برينستون في وقت لاحق اليوم.

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.