تباين أداء الأسهم الآسيوية صباح يوم الخميس في أعقاب الارتفاع الذي شهدته وول ستريت جرّاء الاستجابة الإيجابية الأولية للأسواق للإعلان المرتقب للغاية للاحتياطي الفدرالي بشأن تعديل سياساته.

وكان شعور من الارتياح قد ساد الأسواق المالية برغم التوقعات بتوجه الاحتياطي الفدرالي لدعم رفع أسعار الفائدة بهدف كبح جماح التضخم في سياسته المستقبلية. وأسهم الوضوح الذي وفّره البنك المركزي للمستثمرين بشأن سياسته النقدية مع توجهنا نحو عام 2022 في إزالة القليل من الغموض الذي ميّز هذه المرحلة التي أثقلت فيها عوامل، مثل مخاطر متحور أوميكرون ومخاوف التضخم، كاهل توجهات السوق. ومن جانبه، سجّل الدولار القوي بعض الارتفاع بداية قبل أن يعود للتراجع في ضوء المزاج الإيجابي الذي ساد الأسواق، بينما تراجع الذهب لما دون حاجز الـ 1754 دولار للأونصة مساء يوم الأربعاء قبل أن يتعافى بشكل كبير لما فوق مستوى الدعم عندـ 1765 دولار للأونصة. ومن ناحية أخرى، استهلت العقود الآجلة الأوروبية تداولاتها هذا الصباح ضمن النطاقات الخضراء، وذلك في أعقاب المؤشرات الإيجابية الواردة من وول ستريت وآسيا.

وأمّا الآن وبعد انتهاء اجتماع الاحتياطي الفدرالي، سيُوجه المستثمرون اهتمامهم نحو الاجتماعات المرتقبة اليوم بشأن السياسات النقدية لكلّ من البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا. وستؤثر الإعلانات الصادرة عن هذين الاجتماعين على تحركات اليورو والجنيه الإسترليني حتى نهاية العام، برغم ما تُشير إليه التوقعات من توجه البنكين إلى الحفاظ على السياسات على حالها دون أيّ تغيير.

الأضواء تتجه نحو مسؤولي الاحتياطي الفدرالي من داعمي رفع أسعار الفائدة

وأعلن الاحتياطي الفدرالي أخيراً، بعد مرحلة ميّزتها كثرة التكهنات، عن اعتماد موقف أكثر دعماً لرفع أسعار الفائدة في سياسته المستقبلية.

ويستند هذا إلى إعلان البنك المركزي عن تسريع تقليصه لبرنامج شراء السندات والتلميح لإمكانية زيادة أسعار الفائدة في ثلاث مناسبات خلال العام المقبل. وإلى جانب ذلك، تُشير التوقعات المُحدثة بشأن الوضع الاقتصادي والتضخم إلى أنّ الاحتياطي الفدرالي بات يتحلى بقدر أكبر من الثقة حيال الآفاق الاقتصادية الأمريكية، حتى في ظلّ المخاطر التي يفرضها متحور أوميكرون.

وسيجري تسريع وتيرة تقليص برنامج شراء السندات بمعدل الضعف عند 30 مليار دولار شهرياً اعتباراً من منتصف شهر يناير 2022 بحسب التوقعات؛ ليبقى عند ذات المعدل خلال شهر فبراير لغاية انتهائه في شهر مارس المقبل. وأمّا فيما يتعلق بالتوقعات الاقتصادية، فقد رُفعت توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 إلى 4% من 3.8%، مع خفض توقعات النمو لعام 2023 إلى 2.2% من 2.5% التي وردت في توقعات شهر سبتمبر.

وتُعد التعديلات التي أقرّها الاحتياطي الفدرالي على توقعات التضخم أكثر إثارة للاهتمام؛ إذ ارتفع معامل انكماش نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي إلى 4.4% من توقعات سبتمبر الماضي عند 3.7%. وتُشير التوقعات إلى أنّ معامل انكماش نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي لعام 2022 سيصل إلى 2.7%، بينما ينخفض إلى 2.3% لعام 2023، علماً أنّ هذه الأرقام قد ارتفعت من 2.3% و2.2%، على الترتيب، ضمن توقعات شهر سبتمبر. ويُرجح أن تتعزز التوقعات بزيادة إقرار الزيادات في أسعار الفائدة، لا سيما وأنّ الاحتياطي الفدرالي لم يعد يرى بأنّ العوامل المحركة للتضخم مُجرد عوامل "مؤقتة"، كما كانت الحال في البيان الصادر عن اجتماعه السابق. وفي الحقيقة، يتخذ المتداولون قراراتهم بناءً على احتمال بنسبة 49% لزيادة الفائدة لمرة واحدة على الأقل مع حلول منتصف شهر مارس المقبل، واحتمال بنسبة 84% بزيادة أسعار الفائدة لمرة واحدة على أقلّ تقدير مع حلول بداية مايو من العام المقبل.

هل سيُفاجئ بنك إنجلترا الأسواق؟

عزّزت عوامل مثل الغموض حول الآفاق الاقتصادية واحتمالية فرض المزيد من القيود في المستقبل القريب من الإشارات حول تمسّك بنك إنجلترا بمواقفه في اجتماع اليوم. ومع ذلك، تعزّزت توقعات السوق بشأن توجه بنك إنجلترا لرفع أسعار الفائدة في أعقاب تقارير رسمية تؤكد ارتفاع معدلات التضخم في نوفمبر لأعلى مستوياتها منذ أكثر من عقد كامل. وكان مؤشر الأسعار الاستهلاكية قد وصل إلى 5.1% الشهر الماضي، أي أعلى بمرتين ونصف من هدف التضخم عند 2% فقط. وقد يحصل المضاربون على ارتفاع قيمة الجنيه الإسترليني على جرعة جديدة من الثقة في حال أقر بنك إنجلترا زيادة في أسعار الفائدة كجزء من مساعيه لكبح التضخم. ويُرجّح أن تُسهم أيّ إشارة إلى وجود زيادة في أسعار الفائدة خلال الربع الأول لعام 2022 في دعم الجنيه الإسترليني.

اجتماع البنك المركزي الأوروبي تحت دائرة الضوء

ويجد البنك المركزي الأوروبي نفسه أمام العديد من التساؤلات بشأن برنامج شراء الأصول الخاص به، لا سيما وأنّ الأسواق كانت تتوقع أن يكون اجتماع اليوم بمثابة منصة لإقرار العديد من التغييرات. غير أنّه وبالنظر إلى وتيرة انتشار الموجة الرابعة من كوفيد-19 في جميع أنحاء أوروبا ودور تهديدات متحور أوميكرون في تعطيل النشاط الاقتصادي فيها، بات من المرجح أن يلتزم البنك المركزي بلهجة حذرة حيال الأمر. ومن ناحيتها، تتوقع الأسواق تأكيد البنك المركزي الأوروبي لانتهاء برنامج شراء الطوارئ الوبائية الذي أطلقته بقيمة 1.85 تريليون يورو في مارس 2020 في الموعد المحدد له في مارس من العام المقبل.

وسيكون من المثير للاهتمام أن ننتظر لنرى فيما إن كان البنك المركزي الأوروبي يرى الضغوط التضخمية مؤقتة لغاية الآن، لا سيما بالنظر إلى وصول التضخم في منطقة اليورو لأعلى مستوياته لغاية الآن عند 4.9%. ويتساءل المتداولون من جانبهم حول طبيعة موقف البنك المركزي الأوروبي من متحور أوميكرون والتعقيدات التي يفرضها أمام الآفاق الاقتصادية، علماً أنّ اليورو سيقع تحت كمٍّ كبير من الضغوط بينما نتجه نحو العام الجديد في حال حافظ البنك المركزي على موقفه شديد التيسير مع استلام داعمي خفض أسعار الفائدة لزمام المبادرة فيما يتعلق بقراراته.

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.