بقلم حسين سيد، كبير خبراء استراتيجيات السوق لدى ’فوركس تايم‘، في 26 مارس 2020 الساعة 06:40 ص بتوقيت جرينتش

شهدت الأسهم الأمريكية والعالمية على مدار اليومين الماضيين انتعاشاً مُذهلاً سجّل ارتفاعاً بواقع 16.4% لمؤشر داوجونز الصناعي بعد أدنى المستويات التي وصل إليها يوم الاثنين. وتُمثل هذه النسبة ضعف متوسط العائد السنوي الذي اعتاد المؤشر على تحقيقه منذ عام 1921.

 ويُعزى الإقبال المتجدد على المخاطر إلى المفاوضات التي أطلقها مجلس الشيوخ الأمريكي حول إقرار حزمة مالية تبلغ 2 تريليون دولار أمريكي بهدف تخفيف أثر انتشار الفيروس على الاقتصاد الأمريكي، علماً أنّه تم اعتماد هذه الحزمة في وقت متأخر من يوم الأربعاء ووافق عليها الكونغرس في نفس الليلة.

 وبناءً عليه، سجّلت الأسهم الأمريكية أولى مكاسبها اليومية المتتالية منذ السادس من فبراير الماضي، عندما تراوحت قيمة المؤشر قريباً من مستوياته القياسية الأعلى على الإطلاق. ولكن ما زال ينبغي على المستثمرين التعامل مع هذه الخطوة بكل حذر، على الرغم مما قد تنطوي عليه من إشارات إيجابية بالنسبة لأصول المخاطر وعلى الرغم من أنها تلقى ترحيباً من قبل العديد من الأطراف.

 وسبق للأسهم الأمريكية أن شهدت العديد من التحركات المشابهة بعد حالات الهبوط الحادة التي مرت بها مثل الفترة التي تلت انهيار شركة ليمان براذرز في 15 سبتمبر 2008. وفي 10 أكتوبر من العام نفسه، ارتفع مؤشر داوجونز الصناعي من أدنى مستوياته عنده 7,882 نقطة إلى 9,794 نقطة خلال يومين فقط، في انتعاشة بواقع 24% بعد الانخفاض بنسبة 31% الذي شهده منذ 15 سبتمبر السابق. ومع ذلك، احتاج المؤشر لاحقاً لـ 98 يوم تداول إضافية فقط للهبوط إلى أدنى مستوياته عند 6,469 نقطة، وذلك بعد حدوث أطول فترة ارتفاع في الأسعار في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية على الإطلاق.

 أسهمت العديد من العوامل، مثل حزمة الـ 2 تريليون دولار أمريكي وخطط الحوافز غير المحدودة التي أقرها الاحتياطي الفيدرالي والإعلان التاريخي الصادر عن البنك المركزي الأوروبي بشكل مفاجئ حول إزالة القيود المفروضة على برنامج التيسير الكمي، بلا شك في التخفيف من وطأة الأوضاع المالية في الوقت الراهن وحالت دون حدوث أزمة الديون؛ الأمر الذي يُمكن أن يؤدي في الوقت ذاته إلى الحد من مستوى الاضطراب الذي يُميّز مختلف فئات الأصول. غير أنّ الدروس المستقاة من التاريخ تُشير إلى أنّ هذه النتائج لن تتجاوز نطاق الآثار الإيجابية قصيرة الأمد.

 ولربما سيكون إصدار الأرقام الأسبوعية الأولية لمطالبات معونة البطالة المقرر اليوم عند الساعة 12:30 بتوقيت غرينيتش الاختبار الحقيقي للوضع الراهن. تتباين توقعات الاقتصاديين بشكل كبير؛ إذ يرى بعضهم وصول أعداد المطالبات الجديدة إلى 4 ملايين طلب، والذي سيُعتبر بلا شك الرقم الأعلى على الإطلاق. ومن المتوقع أن تكون هذه مجرد بداية لسلسلة من البيانات الاقتصادية المزعجة التي ستصدر على مدار الأسابيع المقبلة. واستناداً إلى مدى سوء الأرقام المرتقبة، نتوقع تسجيل عمليات تصفية لا تقل ضخامة في الأسهم.

 وفي هذه المرحلة، لا يبدو بأنّه جرى استبعاد كافة الأخبار السيئة بالفعل، فلم يكن الارتفاع الأخير في قيمة الأسهم الأمريكية منطقياً على الإطلاق، لا سيما في ظل ارتفاع قيمة أكثر الأسهم تضرراً، في مؤشر يعكس سلوكيات غير عقلانية وانتقاءً يفتقد للحكمة للأسهم. وفي حين ستعكس البيانات القادمة خلال الأسبوعين المقبلين مدى الضرر الاقتصادي الناجم عن انتشار الفيروس، سيكون لزاماً على المستثمرين تقييم هذا الأثر على الإيرادات المؤسسية.

 ولحين حصولنا على تقييم واضح عن مدى الضرر الحاصل على الاقتصاد والإيرادات، سيكون من الصعوبة بمكان اتخاذ أي قرارات استثمارية عقلانية. ولهذا السبب، فإنّ العامل الأكثر أهمية في هذه الأزمة هو تحديد مرحلة الوصول إلى ذروة أعداد المصابين وانتهاء الجائحة. 

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.