بقلم حسين سيد، كبير خبراء استراتيجيات السوق لدى فوركس تايم، في 23/03/2020 عند الساعة 06:40 بتوقيت جرينتش

أصبح فيروس كورونا المستجدّ حديث الساعة في الوقت الراهن، إذ لزمت الغالبية العظمى من سكان العالم المنزل لوقاية أنفسهم وأفراد عائلاتهم من هذا المرض الخطير، وتلاشت مخاوف فقدان الوظائف لدى البعض أمام رغبتهم بالنجاة من هذه الأزمة الصحية.

وبذلك، يمكن القول بأننا نعيش في مرحلة غير مسبوقة تتسم بتركيز المستثمرين على مؤشرات أعداد المرضى المصابين بمرض كوفيد- 19، والتي تجاوزت حتى تاريخ كتابة هذا التقرير حاجز الـ 339 ألف شخص وما زالت آخذة في التزايد. وقد وصلت العديد من الدول، بينما توشك أخرى، إلى منعطف خرجت فيه الأمور عن السيطرة، كما هي الحال في إيطاليا.

لذا، لن يكون تجاوز هذه الأزمة بالأمر السهل، حيث ينبغي على الجميع قبل اتخاذ أيّ قرارات استثمارية معرفة ماهية حالة الركود التي سيمر بها الاقتصاد؛ فقد يكون ركوداً معتدلاً أو حاداً أو يتحول إلى كساد كامل في أسوأ السيناريوهات المحتملة. ولغاية الآن، فإنّه من المستحيل تقريباً معرفة السيناريو المستقبلي الذي نتوجه نحوه. فكل شيء يعتمد على وصول انتشار العدوى بفيروس كورونا المستجدّ إلى مرحلة الذروة ومن ثم البدء في التباطؤ.

وتزداد تقديرات النمو الاقتصادي الأمريكي الصادرة من أكبر البنوك الاستثمارية سوءاً يوماً بعد يوم. ففي الأسبوع الماضي، توقعت مؤسسة جيه بي مورجان تراجع الناتج المحلي الإجمالي بواقع 14% خلال الربع الثاني من العام الجاري، بينما ترى مؤسسة جولدمان ساكس بأنّ الانخفاض سيصل إلى 24%. من جانبها، كانت توقعات مؤسسة مورجان ستانلي أكثر تشاؤماً عندما تنبأت بهبوط يبلغ 30%. غير أنّ أسوأ التوقعات جاءت على لسان السيد جيمس بولارد، أحد مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي المرموقين، حيث أوضح أنّ معدلات البطالة قد تبلغ الـ 30% إلى جانب هبوط معدلات الناتج المحلي الإجمالي بواقع 50% خلال الربع الثاني.

وخلال الأسابيع القليلة المقبلة يمكن رسم صورة أكثر وضوحاً حول مدى شدة الأزمة الاقتصادية المرتقبة. ويتمثل أسوأ السيناريوهات الممكنة في تحولها إلى أزمة ديون تؤدي بدورها إلى انهيار النظام المالي ككل. كما شهدت الرافعة المالية ارتفاعاً هائلاً على مدى السنوات العديدة الماضية، لا سيما في ظل المستويات العالية للغاية لتدفقات الديون الخاصة بالشركات الأمريكية والأسواق الناشئة. وفي ضوء محاولة غالبية المستثمرين سحب أموالهم من هذه الفئات من الأصول، من الممكن الوقوع في أزمة مالية حادة.

وينبغي على أولئك الذين يحاولون اغتنام فرصة وصول مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى أدنى مستوياته ألّا تأخذهم الحماسة في هذه المرحلة. فقد سجّل المؤشر لغاية الآن انخفاضاً بواقع 32% منذ أعلى مستوياته التي سجّلها في فبراير، وفي حال تابعنا الهبوط الحالي بواقع 5% بحسب ما تُشير إليه العقود الآجلة عند بداية جولة التداول، سيصل إجمالي الخسائر إلى 37%. وما زال هذا المعدل بعيداً للغاية عن هبوط المؤشر بواقع 57% أثناء الأزمة المالية 2007-2009 والهبوط بنسبة 50% بالتزامن مع فقاعة الإنترنت بين 2000-2002. ولا شك بأنّ هذا الرقم بعيد كلّ البعد عن الهبوط بواقع 86% الذي حدث بين أعوام 1929-1932.

وبالرغم من أنّه بات من المغري شراء الأسهم في ظلّ الهبوط الراهن في أسعارها، يتوجب على المستثمرين مراعاة غموض الصورة الحالية فيما يتعلق بالمنحى الذي ستتخذه الأمور في المستقبل. فلم تأخذ الأسواق المالية سيناريو حدوث فترة مطولة من الكساد، والذي يُعتبر أسوأ الاحتمالات، بعين الاعتبار بعد. وتتمثل اللحظة المناسبة للبدء بعملية تجميع الأسهم في الوصول إلى مرحلة فقدان الأمل بالكامل، وقد نكون على بُعد أشهر من هذه المرحلة، إن لم تحصل معجزة ما ويختفي الفيروس فجأة أو يتم اكتشاف اللقاح الخاص به. وحتى ذلك الوقت، نتوقع استمرار معدلات الطلب المرتفعة على الدولار الأمريكي، لا سيما بالمقارنة مع غيره من العملات في الأسواق الناشئة.

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.