يبدو بأنّنا لسنا بصدد الاطلاع على ما هو جديد، لا سيما بعد ما أوحت به محاضر الاجتماع الأخير للجنة السوق المفتوحة الفدرالية لشهر مارس بأنّ الاحتياطي الفدرالي لا يرى أي داع للتعجل في التخلي عن سياسة الدعم النقدي الميسر للغاية التي يعتمدها؛ بينما ستبقى مشتريات الأصول التي تصل قيمتها إلى 120 مليار دولار أمريكي شهرياً وأسعار الفائدة المقاربة للصفر على حالها لبعض الوقت.

وبرغم المخاوف التي أعرب عنها العديد من الخبراء الاقتصاديين والأطراف الفاعلة في السوق حيال زيادة معدلات التضخم، لا يبدو الاحتياطي الفدرالي قلقاً حيال هذه المسألة على الإطلاق. وبحسب محاضر الاجتماع، ترى العديد من الأطراف المشاركة في السوق بأنّ العوامل التي أسهمت في خفض معدلات التضخم خلال المرحلة الماضية قادرة على ممارسة مستويات أكبر من المتوقع من الضغط اللازم للحد من التضخم. مما يُشير إلى أنّ أيّ زيادة تشهدها الأسعار نتيجة لاضطراب الإمدادات أو هبوط مستويات الطلب ستكون ذات طابع مؤقت فحسب دون أن تستمر لمدة زمنية مطولة، الأمر الذي يدعو للتفاؤل بالنسبة لأصول المخاطر، لا سيما أسهم قطاع النمو التي سجّلت أداء دون المستوى في السوق الأوسع مؤخراً.

ومن جانب آخر، تعود أسواق السندات الأمريكية للاستقرار مُجدداً بعد عمليات التصفية الحادة التي شهدتها منذ بداية العام الجاري؛ إذ هبطت عائدات السندات التي تستحق بعد عشرة أعوام بأكثر من 10 نقاط أساس منذ أعلى مستوياتها في شهر مارس الماضي. ومع ذلك، لم يتضح بعد فيما إذا كان هذا الهبوط مدفوعاً بانحسار المخاوف من التضخم أو إعادة موازنة المحافظ عند نهاية الربع الأخير. وستتسنى لنا معرفة الإجابة على هذا التساؤل خلال أسبوعين إلى ثلاثة على أكبر تقدير.

بينما يبقى الاعتدال السمة الغالبة للوضع الحالي لغاية الآن. ومن جهتها، كانت البيانات الاقتصادية مشجعة خلال الأيام القليلة الماضية، لا سيما في ظلّ التوقعات بتحقيق الإيرادات المؤسسية لزيادة ملموسة عند إعلان النتائج على مدى الأيام المقبلة، فضلاً عن قرب طرح المزيد من التحفيزات على شكل إنفاق لدعم البنية التحتية وبدء الرئيس بايدن بالتفاوض على رفع الضرائب المؤسسية إلى 28% من نسبة الـ 21% الحالية.

وفي ضوء الظروف الحالية، نتوقع أن تُواصل الأسهم الأمريكية تفوقها في الأداء على بقية الأسهم العالمية على المدى القصير على أقل تقدير، بينما ستتفوق الأسهم على السندات في حال سجّلت الإيرادات المؤسسية أيّ مفاجآت إيجابية، الأمر الذي سيُمهد الطريق للمزيد من الأرقام القياسية.

وبدوره، تعرض الدولار الأمريكي للعديد من الضغوطات على مدى الأيام الماضية، حيث هبط مؤشر الدولار الأمريكي يوم أمس من أعلى مستوياته على مدى الأشهر الخمسة الماضية عند 93.44 نقطة إلى أدنى مستوياته خلال أسبوعين عند 92.14 نقطة. ويأتي هذا الهبوط في العملة الأمريكية مدفوعاً بشكل رئيسي من الانخفاض الأخير في العائدات؛ ولكن، وبالنظر إلى الموقف الحالي للاقتصاد الأمريكي بالمقارنة مع بقية الاقتصادات المتقدمة حول العالم، فما تزال هُناك فُسحة لارتفاع قيمة الدولار من مستوياته الحالية.

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.